تنهي الوكالة الوطنية للمياه والغابات الى علم العموم أن المعطيات الواردة بمقالات صادرة مؤخرا ببعض الجرائد الورقية والمواقع الالكترونية، حول الاعتداء على شجر الأرز، استندت على معلومات غير صحيحة، تروج بوسائل التواصل الاجتماعي. وقد تبين أن هذه الأخبار لم تميز بين العمليات الحرجية النظامية، التي تتم عن طريق السمسرة العمومية، وفق دفتر التحملات والشروط العامة والخاصة أو عن طريق عقود الشراكة المبرمة بين إدارة المياه والغابات والتعاونيات الغابوية لفائدة الساكنة المحلية، وظاهرة قطع وتهريب خشب الأرز التي تعرفها بعض المناطق بجبال الأطلس المتوسط والسفوح الشرقية لسلسلة الأطلس الكبير.
ويجدر التوضيح، أنه تفعيلا لمخططات التهيئة للغابات، تتم برمجة عملية التنقية أو التخفيف بالقطع الغابوية المعنية واقتراح البيع بعد المصادقة عليه من طرف الجماعات الترابية المعنية. وتمكن هذه التدخلات التقنية المحضة، من جهة أولى، من قطع وإبعاد الأشجار الميتة من أجل وقف إنتشار بعض الآفات المضرة، ومنع العدوى التي تتسبب فيها لباقي الأشجار المجاروة لها، ومن جهة ثانية، من القيام بالأشغال الحرجية بهدف الرفع من الإنتاجية وتنشيط التخليف الطبيعي، وبالتالي تمكين التشكيلات الغابوية من التجدد والاستمرار. كما تمكن هذه التدخلات من توفير كميات مهمة من خشب الصناعة وعود التدفئة بالسوق الوطني وكذا توفير فرص شغل للساكنة المجاورة للفضاءات الغابوية.
هذا وفي إطار الجهود المبذولة في مجال المراقبة والتصدي لمخالفات قطع وتهريب خشب الأرز، تقوم الوحدات الميدانية للوكالة الوطنية للمياه والغابات بتكثيف الجولات التمشيطية بالأماكن السوداء التي تعرف توافد المخالفين والذين يشتغلون في بعض المناطق على شكل عصابات منظمة مختصة في قطع و تهريب أشجار الأرز على حساب الساكنة المعوزة والثروات الغابوية؛ حيث تسفر التدخلات الآنية، بتنسيق مع السلطات المختصة، عن حجز المعدات و الدواب و المركبات التي يستعملونها في قطع و إعداد ونقل الروافد الأرزية، بالإضافة إلى تحرير محاضر جنح في هذا الشأن وإحالة المعتدين على القضاء. وتجدر الإشارة إلى أن أغلب عمليات القطع تتم بصفة عشوائية بأماكن متفرقة ووعرة، وغالبا ما تحدث ليلا، رغم المجهودات الكبيرة المبذولة من طرف المصالح الخارجية للوكالة الوطنية للمياه والغابات.
وفي إطار تنزيل الاستراتيجية الجديدة لغابات المغرب 2020-2030 التي تعتمدها الوكالة الوطنية للمياه والغابات، فتنمية المجال الغابوي وتأهيله أصبحت ترتكز على مقاربة تشاركية جديدة، أساسها جعل الغابات مجالا للتنمية وللتدبير المستدام، وذلك بالاعتماد على تدبير مشترك للشأن المحلي بالمجال الغابوي باشراك الساكنة المجاورة للغابة وجميع الأطراف المعنية، عبر خلق جمعيات وتعاونيات وتنظيمها حول مصالح مشتركة، تروم بالأساس الى تثمين سلاسل الإنتاج الغابوي، وتقوية القدرات الإنتاجية للغابات، مع الالتزام بالمساهمة في حماية الموروث الغابوي من الاندثار، وكل هذا من أجل تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للساكنة المجاورة و القضاء على العوامل المشجعة لتفشي ظاهرة الاعتداء على الثروة الغابوية .
وقد مكنت هذه المقاربة التشاركية من احتواء الظاهرة بإقليمي إفران وخنيفرة، حيث لم تعد تسجل إلا حالات معزولة يتم التصدي لها في حينها، كما تم تسجيل بمنطقة تونفيت بإقليم ميدلت انخفاض جد ملحوظ في عدد أشجار الأرز المقطوعة خلال الآونة الأخيرة الممتدة من 2019 الى 2022. وسعيا وراء تكثيف المراقبة وتحسين الأداء والنجاعة، أطلقت الوكالة الوطنية مرحلة تجريبية لاستعمال طائرات بدون طيار "الدرون"، في مجال زجز المخالفات الغابوية، في أفق الشروع في استخدام هذه التقنية بشكل رسمي مستقبلا على صعيد جميع النقط السوداء وبفضل هذه التقنية الجديدة سيتم تسهيل مأمورية عناصر شرطة المياه والغابات بخصوص زجر المخالفات الغابوية، خاصة بالمناطق الوعرة والمنعزلة، والتي كان من الصعب الوصول إليها، كما ستمكن من التصدي الاستباقي لأي اعتداء على الثروات الغابوية.
واعتبارا لما سلف، فإن الوكالة الوطنية للمياه والغابات تراهن على المشاركة الفعلية لجميع الفاعلين المعنيين والمهتمين بالشأن الغابوي والبيئي في حماية الموروث الغابوي من أي اعتداء يطاله، للحفاظ على استقرار وتوازن النظم البيئية التي يزخر بها بلدنا، وتدعو إلى تحري الدقة، حول الأخبار الرائجة، من مصالحها المعنية المسؤولة.